يحدث أن يدفعني شعور جارف تجاه الشخصيات الخلّاقة، تلك التي تحدث التغيير والأثر أينما حلّت، في فترة سابقة وتحديدا عندما كنت في سن الخامسة عشر أتذكر أني كنت مأخوذا بشخصية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، لم تكن دوافعي تجاهه لغاية اجتماعية بالطبع، إنما محبة لهذا الإنسان ورغبة بمعرفة تفاصيله، كنت أرغب في سبر شخصيته وتركيبته، رغبت بشدة في معرفة كيف كان يفكر؟ كيف كان يقضي يومه؟ كيف كان يتعامل مع المحيطين به؟ أو بمعنى أشمل أردت معرفة الإنسان بداخله الذي لا يلحظه من يشاهده عبر وسائل الإعلام.
وحينما اجتزت الثلاثين من عمري راودني نفس الشغف وذات الرغبة، لكن لشخصيةٍ أخرى تمثلت في شخص «تركي الدخيل» راودتني حوله تساؤلات كثيرة، كيف يكون الحوار معه؟ هل يعرف ماذا أريد أن أسأله؟ كما كان يسأل ضيوفه في برنامجه الشهير «إضاءات» الأسئلة التي تدور في ذهني؟ هل أصبح شخصيةً أخرى بعد الثقة الملكية بتعيينه سفيراً للمملكة العربية السعودية بدولة الإمارات الشقيقة؟ كيف يدير وقته؟
كيف يقرأ؟ كيف هي مكتبته؟ كل هذه التساؤلات كانت بحثاً عن الإنسان الذي بداخل «تركي».
تجرأت هذه المرة وتحدثت معه عبر تطبيق (تويتر)، طلبت منه اللقاء وأبديت له رغبتي بالجلوس معه ومحاورته، فبادرني -على نحو غير متوقع- بترحيب حار؛ أهلاً وسهلاً مرحباً لا بأس حدد الوقت المناسب، ثم طلب رقم هاتفي واتصل بي! أصبت بدهشة، كانت لحظة متناهية الغرابة والسعادة في آن، أخذت أفكر كيف أصبح أحد النماذج والقامات الاجتماعية الناجحة والمتفردة في وطني بهذا التواضع؟ ازدادت رغبتي في اكتشافه أكثر، دعاني لزيارته، ذهبت إلى منزله في الإمارات العربية، قطعت مئات الكيلومترات بسيارتي ولا يشغل تفكيري سوى سؤال واحد، ما الذي ينتظرني اكتشافه في هذا الشخص، وما أن وصلت فإذا به يقف عند المدخل يرحب بود ثم دعاني إلى الدخول وجلسنا في المكتب، يالها من بداية، أن تتهيأ لحوار كهذا في مكان مليء بالكتب، قدم لي القهوة بنفسه وكنت سعيدا جدا بأنني في ضيافة تركي الإنسان الرائع ليس السفير أو الإعلامي الشهير.
قدمت له الهدية وهي عبارة عن كتابين عن حياة الشاعر العراقي «محمد مهدي الجواهري» والشاعر السوداني «إدريس جماع» فرح بها و أصر على أن يقدم لي هو بدوره هدية أجمل منها، فأعطاني مجموعة كتب وهي سلسلة مجلدات «قول على قول» من تأليف الأستاذ «حسن سعيد الكرمي» فأخذ يعطيني فكرة عن هذه السلسلة وتناول مؤلفها لها، وأخذ يقرأ عليّ وهو في وضع الوقوف، لوهلة انتابني شعور بالانتماء تجاه هذا العقل، كأنني لم أعرف هذا الرجل إلا في تلك اللحظة، أو كأننا نعرف بعضنا منذ زمن بعيد وللتو التقينا.
سألته كيف يقضي وقته؟
فعلمت أن الشغف والطموح والإطّلاع هو من يتحكم به.
وسألته عن مكتبته؟
فتفاجأت أن لديه أكثر من عشرين ألف كتاب، ومما زاد دهشتي خلال حوارنا، أنه كتب في وصيته أن تقام مكتبه عامة باسمه تقدم الخدمة المعرفية للقراء، هزني ما قال في وصيته، للحد الذي زرع في داخلي ذات الرغبة، استأذنته بالانصراف وأنا لا شيء بداخلي يريد الخروج، من الصعب أن تذهب بعيدا عما تنتمي، خرج معي ليودعني بالقرب من سيارتي، وكان مشهد أخير رسخ أن التواضع في شخصية تركي مبدأ وليس صفة، رجعت بطاقة إيجابية عظيمة، أخذت أفكر ساعات قليلة أحدثت كل هذا، ماذا لو كنت قريبا منه؟ ماذا لو أعمل معه في مكتبه أو مكتبته؟ ما هو حجم ما سأتعلمه، التصور الذي خرجت به أن «تركي الدخيل» لديه قدرة على إحداث التغيير داخلي، لديه ما أحتاج أن استخرجه، توصلت إلى أني فهمته لأني نظرت له بطريقة مختلفة عميقة، فهمت أن النجاح الذي قدمه عبر برنامجه «إضاءات» أو «مركز المسبار للدراسات والبحوث» أو «قناة العربية» فترة إدارته لها لم يكن إلا نتاجا للروح التي يبثها «تركي الإنسان» في فريق عمله ومن يحيط به.
كان لقاءً أول لا يُنسى سأرويه مفاخرا للأجيال القادمة بإذن الله.
* كاتب سعودي
وحينما اجتزت الثلاثين من عمري راودني نفس الشغف وذات الرغبة، لكن لشخصيةٍ أخرى تمثلت في شخص «تركي الدخيل» راودتني حوله تساؤلات كثيرة، كيف يكون الحوار معه؟ هل يعرف ماذا أريد أن أسأله؟ كما كان يسأل ضيوفه في برنامجه الشهير «إضاءات» الأسئلة التي تدور في ذهني؟ هل أصبح شخصيةً أخرى بعد الثقة الملكية بتعيينه سفيراً للمملكة العربية السعودية بدولة الإمارات الشقيقة؟ كيف يدير وقته؟
كيف يقرأ؟ كيف هي مكتبته؟ كل هذه التساؤلات كانت بحثاً عن الإنسان الذي بداخل «تركي».
تجرأت هذه المرة وتحدثت معه عبر تطبيق (تويتر)، طلبت منه اللقاء وأبديت له رغبتي بالجلوس معه ومحاورته، فبادرني -على نحو غير متوقع- بترحيب حار؛ أهلاً وسهلاً مرحباً لا بأس حدد الوقت المناسب، ثم طلب رقم هاتفي واتصل بي! أصبت بدهشة، كانت لحظة متناهية الغرابة والسعادة في آن، أخذت أفكر كيف أصبح أحد النماذج والقامات الاجتماعية الناجحة والمتفردة في وطني بهذا التواضع؟ ازدادت رغبتي في اكتشافه أكثر، دعاني لزيارته، ذهبت إلى منزله في الإمارات العربية، قطعت مئات الكيلومترات بسيارتي ولا يشغل تفكيري سوى سؤال واحد، ما الذي ينتظرني اكتشافه في هذا الشخص، وما أن وصلت فإذا به يقف عند المدخل يرحب بود ثم دعاني إلى الدخول وجلسنا في المكتب، يالها من بداية، أن تتهيأ لحوار كهذا في مكان مليء بالكتب، قدم لي القهوة بنفسه وكنت سعيدا جدا بأنني في ضيافة تركي الإنسان الرائع ليس السفير أو الإعلامي الشهير.
قدمت له الهدية وهي عبارة عن كتابين عن حياة الشاعر العراقي «محمد مهدي الجواهري» والشاعر السوداني «إدريس جماع» فرح بها و أصر على أن يقدم لي هو بدوره هدية أجمل منها، فأعطاني مجموعة كتب وهي سلسلة مجلدات «قول على قول» من تأليف الأستاذ «حسن سعيد الكرمي» فأخذ يعطيني فكرة عن هذه السلسلة وتناول مؤلفها لها، وأخذ يقرأ عليّ وهو في وضع الوقوف، لوهلة انتابني شعور بالانتماء تجاه هذا العقل، كأنني لم أعرف هذا الرجل إلا في تلك اللحظة، أو كأننا نعرف بعضنا منذ زمن بعيد وللتو التقينا.
سألته كيف يقضي وقته؟
فعلمت أن الشغف والطموح والإطّلاع هو من يتحكم به.
وسألته عن مكتبته؟
فتفاجأت أن لديه أكثر من عشرين ألف كتاب، ومما زاد دهشتي خلال حوارنا، أنه كتب في وصيته أن تقام مكتبه عامة باسمه تقدم الخدمة المعرفية للقراء، هزني ما قال في وصيته، للحد الذي زرع في داخلي ذات الرغبة، استأذنته بالانصراف وأنا لا شيء بداخلي يريد الخروج، من الصعب أن تذهب بعيدا عما تنتمي، خرج معي ليودعني بالقرب من سيارتي، وكان مشهد أخير رسخ أن التواضع في شخصية تركي مبدأ وليس صفة، رجعت بطاقة إيجابية عظيمة، أخذت أفكر ساعات قليلة أحدثت كل هذا، ماذا لو كنت قريبا منه؟ ماذا لو أعمل معه في مكتبه أو مكتبته؟ ما هو حجم ما سأتعلمه، التصور الذي خرجت به أن «تركي الدخيل» لديه قدرة على إحداث التغيير داخلي، لديه ما أحتاج أن استخرجه، توصلت إلى أني فهمته لأني نظرت له بطريقة مختلفة عميقة، فهمت أن النجاح الذي قدمه عبر برنامجه «إضاءات» أو «مركز المسبار للدراسات والبحوث» أو «قناة العربية» فترة إدارته لها لم يكن إلا نتاجا للروح التي يبثها «تركي الإنسان» في فريق عمله ومن يحيط به.
كان لقاءً أول لا يُنسى سأرويه مفاخرا للأجيال القادمة بإذن الله.
* كاتب سعودي